"لا": أنواعها وحالاتها الإعرابية
لطالما راودني، وأنا على مقاعد الدراسة السؤال الآتي: لماذا يأتي الاسم بعد (لا) مرفوعًا تارةً، ومنصوبًا تارةً أخرى، ومجرورًا في أحيان أُخَر؟ آنذاك لم يكن بمقدوري اكتشاف السر بمفردي، فقد كنت غضَّ العود. كان لا بد أن أسأل أستاذ اللغة العربية حول الأمر. بيد أنني لسبب أو لآخر لم أسَلْه، فبقي السؤال يراودني حتّى بلغت مصافًا متقدمة.
قبل ذلك، كنت كلما قرأت الآية الآتية ”لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون“، قلت في نفسي لماذا الاسم الذي يتلو لا (خوف) مرفوع بالضمة؟ لمَ لا يكون على غرار (ولا مبدلَ لكلمات الله) منصوبًا بالفتحة؟
كان لا بد للسؤال أن يرافقني حتّى مرحلة متأخرة. لا أدري ما الحكمة، ولكن لا بأس بذلك، فالعربية تلك اللغة الجليلة التي ندين لها بكلّ أنواع الحب والإجلال لما تكتنزه من جماليات فائقة التصور، تستحق منا أن نصبر ريثما نكتشف أسرارها.
في هذا المقال المتواضع، سنحاول معًا أن نسبر غور (لا) ونكتشف أسرارها، فنضع حدًا للغموض الذي يكتنف أذهاننا حولها، فعلى بركة الله نبدأ.
تبدو (لا) كأنها حرف هامشي لا دور له، وهي في أحسن حالاتها نوع أو نوعان ليس إلا. لكن من يراجع كتب النحو العربي، سرعان ما يكتشف أن هناك في الحد الأدنى ٨ أنواع منها، خلا الأنواع الأخرى التي لا طائل من الحديث عنها لندرتها، فما تلك الأنواع الثمانية؟ وما حالاتها الإعرابية؟
أنواعها:
أ_ لا النافية
لا محل لها من الإعراب، ولا عمل لها، تدخل على الأسماء والأفعال معًا، وغالبًا ما تدخل على الفعل المضارع، مثال: ”المسلمُ لا يكذبُ“، وقد تدخل على الفعل الماضي أيضًا، ولكن نادرًا، وإذا ما دخلت على الماضي فإنها تتكرّر، مثال: ”فلا صدَّقَ ولا صلَّى“.
اسمها كافٍ للدلالة على طبيعة عملها، فهي إذا دخلت على جملة نفت المعنى، لكنّها لم تؤثر على الحركة الإعرابية للاسم أو الفعل الذي يليها، حيث نلاحظ أن المضارع بعدها يبقى مرفوعًا، وكذلك الاسم يبقى مرفوعًا، ما يعني أنها لا تؤثر على ما يليها، وذلك بعكس (لا الناهية) و(لا النافية للجنس).
بـ _ لا النافية للجنس
تنفي ما طاب لها على غرار أختها (لا النافية)، ولكنها تمتاز عنها في كونها تؤثر على حركة ما يليها الإعرابية.
تُعد (لا النافية للجنس) من أخوات (إن)، فإذا ما دخلت على الجملة الاسمية نصبت المبتدأ اسمًا لها، ورفعت الخبر خبرًا لها، مثال: (لا تلميذَ في الصف).
لا تعمل (لا) إلا إذا كان ما يليها اسمًا نكرةً، أما إذا كان معرفًا، فهذا يعني عزيزي القارئ أنك لست أمام (لا النافية للجنس) وإنما أمام (لا) أخرى، وعليك ساعتئذ أن ترفع الاسم الذي يليها، بد
المصدر:
خاص
الكلمات المفتاحية:
- لبنان